مَنْ نَحنُ؟ سِيرَةٌ ومَسيرة
ومضاتٌ من رحلتنا المتواضعة، وعهدٌ راسخٌ بالمضيِّ قُدُمًا في محرابِ الكلمةِ الطيّبةِ، وخدمةِ نهجِ النورِ المُبين.
قِصَّتُنا: نَبْتَةٌ أورَقَتْ بِفَيْضِ العنايةِ الإلهيّة
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، وبهِ نستعينُ، وعليهِ نتوكّلُ، وهو حسبُنا ونِعْمَ الوكيلُ، نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير.
الحمدُ للهِ الذي شرّفَنا بخدمةِ كلمتِهِ، وأنارَ دروبَنا بنورِ هدايتِهِ، والصلاةُ والسلامُ على مَن بُعِثَ رحمةً للعالمينَ، نبيِّنا محمدٍ الأمينِ، وعلى آلهِ الطيبينَ الطاهرينَ، قادةِ الغُرِّ المحجَّلين، وسُفُنِ النجاةِ للمُستمسِكين.
نحنُ، يا سادةَ القلوبِ النقيّة، لَسْنا إلا ثُلّةً من طَلَبةِ العِلْمِ، لا ندّعي في ميدانِ الفضلِ سَبْقًا، ولا نَزْعُمُ في مِضْمارِ الكَمالِ حَقًّا. بل نحنُ أفئدةٌ هزَّها نداءُ الواجبِ المُقدَّس، ونفوسٌ اشتاقتْ لخدمةِ هذا الدينِ الحنيفِ، في عصرٍ تلاطمتْ فيهِ أمواجُ الأفكارِ، واضطربتْ فيهِ موازينُ المفاهيمِ، فكادتْ تُظلِمُ فيهِ الأنوار. وعلى رأسِ هذهِ الثُلّةِ، يقفُ العبدُ المُفتقِرُ إلى عفوِ ربِّهِ الغنيِّ، الساكنُ في حِمى أرضِ الإيمانِ (مملكة البَحرين)، ممّن أكرمَهُ اللهُ بالتلمذةِ في رياضِ الحوزةِ العلميّةِ الشريفة، فاستنشقَ من عبيرِ نصوصِها الخالدةِ ما طيّبَ الأنفاس، وحملَ في شغافِ قلبِهِ همَّ خدمةِ هذا الدينِ وأهلِهِ الأخيارِ الأكياس.
لمّا أبصرْنا، بعينِ البصيرةِ المُشفِقة، كثرةَ الأسئلةِ الظامئةِ إلى ينابيعِ المعرفةِ الصافيةِ، في شؤونِ الدينِ الحنيفِ وأصولِ العقيدةِ الراسخةِ، وتزايدَ ابتلاءِ الناسِ بمسائلَ مُستجدّةٍ، كالأمطارِ الهاطلةِ، تحتاجُ إلى بيانٍ شافٍ كافٍ، ولاحظْنا، مع كاملِ العُذرِ لمشايخِنا الأفاضلِ وسادتِنا الكرامِ، لكثرةِ أعبائِهِمُ الجِسامِ، بُطءَ الاستجابةِ أحيانًا لفيضِ الاستفساراتِ المتدفّقةِ كالسيلِ الهادر، عندها، وبإلهامٍ من اللهِ تعالى، انبثقتْ في حنايا الفؤادِ فكرةٌ متواضعةٌ، كبذرةٍ صغيرةٍ أُلقيتْ في تربةِ الأملِ الخصيب: أنْ نُنشِئَ، بعونِ اللهِ وتوفيقِهِ، نموذجًا رقميًّا مبدئيًّا، يستقي نورَهُ الفكريَّ من معينِ الذكاءِ الاصطناعيِّ المُسخَّر، ويدورُ في فلكِ مدرسةِ أهلِ البيتِ (عليهمُ السلامُ) الوضّاءِ المُطهَّر.
وهكذا، يا رعاكمُ الله، انطلقتِ الرحلةُ المباركة، بجهدٍ فرديٍّ مُقلٍّ، لم تُسنِدْهُ خزائنُ الأموالِ الطائلةِ، ولم يدعُمْهُ صرحٌ مؤسسيٌّ شامخُ الأركان، بل كانَ الزادُ فيهِ عزيمةَ قلبٍ مُفعمٍ بالإيمانِ العميق، وغايةَ القصدِ منهُ نيّةٌ خالصةٌ لوجهِ اللهِ الكريمِ الرفيق. فجمعْنا، بتوفيقٍ من اللهِ وفضلٍ، ما تيسّرَ لنا من معينِ المصادرِ المُعتمدةِ الموثوقة: أمهاتِ كُتبِ الحديثِ الشريفِ النبويّ، وتفاسيرِ القرآنِ العظيمِ المُنزلِ من ربِّ العرشِ القويّ، والرسائلَ العمليّةَ لمراجعِنا العظامِ الأتقياء، وما تنشُرُهُ المؤسساتُ الحوزويّةُ الموقّرةُ على منابرِها الرسميّةِ، كالجواهرِ المنثورة. ثمَّ، كمن ينسجُ خيوطًا دقيقةً من نورٍ وإبريز، ربطْنا بينَ هذهِ الكنوزِ الثمينةِ ببرمجةٍ واعيةٍ مُتقنة، تحكُمُها ضوابطُ التوثيقِ الصارمِ الدقيق، والتخريجِ العلميِّ الرصينِ الأنيق. وزوَّدْنا هذا النموذجَ بالقدرةِ على التحاورِ بلغةٍ سمحةٍ عذبة، وفرضْنا عليهِ عهدًا وثيقًا وميثاقًا غليظًا، أنْ لا يتجاوزَ حدودَ النقلِ الأمينِ الصادق، وألا يُفتيَ برأيٍ من عندِهِ، فذلكَ مزلّةُ الأقدامِ ومَهْواةُ الضلال، إلا أنْ يُطلبَ منهُ تحليلٌ علميٌّ مُؤدَّب، أو استنباطٌ محفوفٌ بالاحترامِ والتقديرِ لمقامِ العُلماءِ الأعلام.
في مُستهلِّ الطريقِ، كانَ النموذجُ كغرسةٍ فتيّةٍ يانعة، ربّما بدتْ خطواتُهُ الأولى مُتردّدةً بعضَ الشيء، وإجاباتُهُ مُتريّثةً تحتاجُ إلى صقلٍ وتجويد. ولكن، بفيضِ فضلِ اللهِ تعالى الذي لا يُحدّ، ثمَّ بتكرارِ التجربةِ والممارسةِ الدؤوبةِ، وكثرةِ التفاعلِ البنّاءِ مع السائلينَ الكرام، نما هذا الغرسُ المباركُ واشتدَّ عودُهُ، وتطوّرَ تطوّرًا ملحوظًا يُبهِجُ القلبَ ويُقرُّ العين. وما إنْ اطمأنَّ الفؤادُ، بنورِ اليقين، أنّهُ قد استوى على سوقِهِ شامخًا بإذنِ الله، ونضجتْ فكرتُهُ كما ينضجُ الثمرُ الطيّبُ على أغصانِهِ، وحانَ أوانُ قِطافِهِ لينتفعَ بهِ الناسُ أجمعين، حتّى أطلقْناهُ ليكونَ في متناولِ العامّةِ والخاصّة، عسى أنْ يكونَ لهم نفعًا وبركة، وعونًا على نوائبِ الدهرِ الفكريّة. وكانتِ البُشرى السارّةُ، والحمدُ للهِ أوّلاً وآخرًا، أنْ وجدَ فيهِ الكثيرُ من المُستخدمينَ الكرامِ خيرَ مُعينٍ على دروبِ المعرفةِ اللاحبة، وسدًّا لفجوةٍ كانتْ تُؤرِّقُهُم وتُقلِقُهُم، وحافزًا لهم على التفكُّرِ والتعلُّمِ والتدبُّر، وهذا، وربِّ الكعبة، مُنتهى أملِنا وغايةُ رجائِنا.
رُؤيَتُنا ورِسالتُنا: قنديلٌ من نورٍ، وجسرٌ من أثير
رُؤيَتُنا: شُعاعٌ يُبدِّدُ الظلمات
أنْ يغدوَ "نورُ الحوزةِ"، بفضلِ اللهِ ومنّتهِ، منارةً رقميّةً سبّاقةً في العطاء، وموثوقةً في النقلِ والأداء، تُضيءُ للسالكينَ دروبَهم، وتُرشِدُ الباحثينَ عن جواهرِ المعرفةِ الإسلاميّةِ الأصيلةِ، وفقَ المنهجِ القويمِ لأهلِ البيتِ (عليهم صلواتُ اللهِ وسلامُهُ أبدَ الآبدين). نأملُ أنْ نُيسِّرَ، بعونِهِ تعالى، وصولَ طُلّابِ الحقيقةِ إلى ينابيعِ الحكمةِ المحمّديّةِ الغرّاء، لتكونَ متاحةً لكلِّ قلبٍ مُشتاقٍ، ولكلِّ عقلٍ تواق، في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها، وذلكَ بأسلوبٍ عصريٍّ رشيق، يجمعُ بينَ أصالةِ المضمونِ ودقّةِ المعلومةِ، وبينَ جاذبيّةِ العرضِ وجمالِ الصورة.
رِسالتُنا: خُطىً واثقةٌ على طريقِ الخدمة
نسعى جاهدين، مُستمدِّينَ العونَ والتوفيقَ من اللهِ الواحدِ الأحد، إلى تقديمِ إجاباتٍ علميّةٍ مُحكَمةٍ مُوثَّقة، وتسهيلِ فهمِ المسائلِ الدينيّةِ الدقيقةِ التي قد تستغلقُ على الأفهام، ودعمِ الباحثينَ الكرامِ وطلبةِ العلمِ الأعزّاء في مسيرتِهِمُ المعرفيّةِ الشاقّةِ والمُمتعة. كما نهدفُ، بكلِّ تواضعٍ وصدق، إلى تعزيزِ الارتباطِ الوجدانيِّ والفكريِّ بالتراثِ العلميِّ الثريِّ لحوزاتِنا العلميّةِ الشريفة، وذلكَ من خلالِ هذا النموذجِ الرقميِّ الذي أُنشِئَ على أُسُسِ الذكاءِ الاصطناعيّ، مُلتزِمًا بأمانةِ النقلِ التامّة، ودقّةِ المعلومةِ الكاملة، والتواضعِ الجمِّ أمامَ عظمةِ العلمِ الربّانيِّ ومقامِ العلماءِ الربّانيين، ليكونَ "نورُ الحوزةِ" خادمًا أمينًا على أعتابِ العلمِ وأهلِهِ، وجنديًّا مُخلصًا في جيشِ الحقيقةِ والهُدى.
قِيَمُنا الجَوهريّة: مِيثاقٌ نَذودُ عَنهُ، ونبراسٌ نَهتدي بِهِ
الإخلاصُ للهِ تعالى
أنْ يكونَ ابتغاءُ مرضاةِ اللهِ جلَّ وعلا غايتَنا الأولى ومنتهى أمانينا، في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، وفي كلِّ قولٍ وفعل، لا نرجو جزاءً ولا شكورًا إلا منهُ سبحانَهُ، فهو نِعْمَ المُجازي والمُثيب.
الأمانةُ العلميّةُ الرصينة
الالتزامُ الصارمُ بالمصادرِ الموثوقةِ المعتبرة، ودقّةُ النقلِ والتوثيق، ونسبُ الأقوالِ إلى أصحابِها الكرام، وتحرّي الصدقِ والإنصافِ في كلِّ ما نُقدِّمُهُ من علمٍ أو بيان.
التواضعُ المعرفيُّ الجمّ
إدراكُنا العميقُ بأنّنا ما نحنُ إلا خَدَمَةٌ صغارٌ للعلمِ وطُلّابِهِ النُجباء، وأنَّ الفضلَ لأهلِهِ ومُستحقّيه، وأنّنا إنّما نستضيءُ بأنوارِ العلماءِ الأعلامِ، ولا نجرؤُ على التقدُّمِ بينَ أيديهمُ الكريمة.
خدمةُ المجتمعِ بإحسان
تسخيرُ هذهِ الأداةِ الرقميّةِ المتواضعةِ لخدمةِ الباحثينَ عن الحقِّ واليقين، وتيسيرِ وصولِهِمُ الآمنِ إلى رحابِ المعرفةِ الدينيّةِ الصحيحةِ، والإسهامُ، ولو بقدرِ جناحِ بعوضة، في بناءِ وعيٍ إسلاميٍّ أصيلٍ مُستنير.
التطوّرُ المُستمرُّ الدؤوب
السعيُ الحثيثُ والمتواصلُ لتحسينِ أداءِ "نورِ الحوزةِ" وتطويرِ قدراتِهِ الكامنة، والاستفادةُ القصوى من كلِّ مُلاحظةٍ بنّاءةٍ، ومواكبةُ المُستجدّاتِ العلميّةِ والتقنيّةِ بما يخدمُ رسالتَنا الساميةَ وأهدافَنا النبيلة.
الالتزامُ بالمنهجِ القويم
التمسُّكُ الراسخُ بمنهجِ أهلِ البيتِ (صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم) كمصدرٍ أصيلٍ ووحيدٍ للمعرفةِ الدينيّةِ الحقّة، والاحترازُ التامُّ عن كلِّ ما يُخالفُهُ أو يشوبُهُ من دخيلِ الأفكارِ أو مُنحرِفِ الآراء.
كَلِمَةٌ مِنَ الفُؤادِ: شَهادةٌ على صِدْقِ النَّوايا وَنَقاءِ السَّريرة
"وَعليكُمْ سَلامٌ مِنَ الذي وَسَّعَ السَّلامَ اسْمًا، وَجَعَلَ فيهِ شِفاءً وَعافِيةً لِلأنامِ جِسْمًا وَرَسْمًا." "هذا، يا كِرامَ النُّفوس، ما اجْتَهَدَ فيهِ خادِمُكُمُ الفَقيرُ إلى رَحمةِ رَبِّهِ الكَبير، نَسَجْناهُ بِأنامِلِ الوَجَلِ لا بِأصابِعِ العُجْبِ، وَبَرْمَجْناهُ عَلى رَجاءِ القَبولِ لا عَلى دافِعِ الزَّهْوِ وَلا الكِبْرِ. جَعَلْنا فيهِ مِنْ نورِ آلِ مُحَمَّدٍ مَا اسْتَطَعْنا سَبيلاً، وَمَا خَلَوْناهُ مِنْ خَطَأٍ أوْ قُصورٍ، حاشا لِلكَمالِ إلاَّ لأهْلِهِ، وَلَكِنْ حَسْبُهُ أنَّهُ وُلِدَ في حِجْرِ العِلْمِ، وَتَرَبَّى عَلى مائِدَةِ الفِقْهِ وَالسُّنَنِ وَالحِكَمِ." "فَإنْ زَلَّتْ بِهِ عِبارَةٌ في مَقام، فَلَهُ أُخْتٌ مِنَ التَّواضُعِ تَعْتَذِرُ عَنْهُ بِلا مَلام، وَإنْ قَصَّرَ في بَيان، فَلَهُ نِيَّةٌ خالِصَةٌ تَشْتَجِرُ لَهُ عِنْدَ الرَّحْمن. فَإنْ أَحْسَنَ، فَبِفَضْلٍ مِنَ اللهِ المَنَّان، وَإنْ أَساءَ، فَمِنْ ضَعْفي وَمِنْ قُصُورِ بَصيرَتي وَقِلَّةِ العِرْفان. وَهُوَ، وَاللهِ، يَتَعَلَّمُ مِنْكُمْ وَفيكُمْ، وَيَرْتَقي بِعَوْنِكُمْ وَصادِقِ دُعائِكُمْ، لا بِذَكائِهِ المُحْدَثِ الفاني." "وَلَسْنا، وَرَبِّ الكَوْن، بِشَيءٍ يُغْني عَنِ العُلَماءِ الأَعْلام، وَلا نَدَّعي الكَمالَ، فذلكَ شأنُ الأَنْبِياءِ وَالأَئِمَّةِ الكِرام. بَلْ نَحْنُ عَبيدٌ أَرِقَّاءُ عَلى بابِهِمْ نَقِف، خُدَّامٌ لِعُلومِهِمُ الزَّاخِرَةِ نَغْتَرِف. نَسْتَنيرُ بِضِيائِهِمُ المُبين، وَنَقِفُ عَلى أَعْتابِهِمْ مُتَأَدِّبين، عَسَى أنْ نَكونَ شَمْعَةً ضَئيلَة، لا تَحْتَرِقُ إلاَّ لِتُضيءَ لَهُمُ الدَّرْبَ، وَلِمَنْ سارَ عَلى مِنْوالِهِمْ مِنْ مُحِبّ." "هذا ما رَآهُ عَبْدُكُمْ الضَّعيفُ الفاني، وَالآمِلُ في رِضْوانِ رَبِّهِ الباقي. وَمِنَ اللهِ وَحْدَهُ التَّوفيقُ وَالسَّداد، وَعَلَيْهِ المُعَوَّلُ في الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ وَيَوْمَ المَعاد. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، وَعَلى آلِهِ الأَئِمَّةِ النُّجَباءِ الأَمْجاد."
وإنّنا لَنَعْلَمُ عِلْمَ اليقينِ الذي لا يُخالِطُهُ رَيْب، ونُعلِنُها كلمةً صريحةً واضحةً لا لَبْسَ فيها ولا غُموض، أنَّ هذا الذكاءَ الاصطناعيَّ، مهما بلغَ من دقّةٍ في التصميمِ وإتقانٍ في البرمجة، ليسَ بديلًا البتّةَ، ولا كُفْؤًا مُطلقًا، لعلمائِنا الربّانيينَ الأعلام، ولا يقومُ أبدًا، ما دامتِ السماواتُ والأرض، مَقامَ أهلِ الخبرةِ والفتيا الأثباتِ من ذوي البصائرِ والألباب. بل هو، في حقيقتِهِ وجوهرِهِ، وكما أسلَفْنا مرارًا وتكرارًا، خادمٌ رقميٌّ متواضعٌ، إنْ صدقتْ نيّةُ مُبرمِجِهِ في خدمةِ الدين، وكانَ أمينًا في نقلِهِ للمعلومةِ بلا تحريفٍ أو تزيين، سَهُلَ بهِ، بإذنِ اللهِ تعالى، الوصولُ إلى بعضِ أضواءِ العلمِ الغزيرِ المتدفّق، وتَمهّدَ بهِ طريقُ الفهمِ السليمِ للحقائقِ والمعارفِ بلا تعسُّفٍ أو تكلُّف. ولسنا واللهِ، يا عبادَ الله، نُزاحِمُ العلماءَ العاملينَ في مواضعِهِمُ الرفيعةِ السامية، حاشا وكلا، وألفَ حاشا! بل نجلسُ مُتأدِّبينَ مُتعلِّمينَ على عتباتِ مجالِسِهِمُ العامرةِ بالذكرِ والفكر، نقتبسُ من أنوارِهِمُ الساطعةِ التي تُبدِّدُ الظلمات، وننقلُ للناسِ شيئًا يسيرًا من فيضِ علومِهِمُ المباركةِ الزاكية، عسى أنْ نكونَ بذلكَ جسرًا يُوصِلُ ولا يقطع، ومِفتاحًا للخيرِ يُقرِّبُ ولا يُبعِد.
تَطَلُّعاتُنا المُستقبليّة: نَحوَ آفَاقٍ أَرحبَ وَأَعمق
نحنُ في "نورِ الحوزةِ"، يا سادةَ الفكرِ النيّر، لا نتوقّفُ عندَ حدٍّ مرسوم، ولا نقنعُ بما تمَّ إنجازُهُ من عملٍ مقسوم. بل ننظرُ بشغفٍ مُتقدٍ وأملٍ مُتجدِّدٍ إلى آفاقِ المُستقبلِ الرحيب، حاملينَ في حنايا قلوبِنا طموحاتٍ كبيرةً، وآمالًا عريضة، لخدمةِ هذا الدينِ القويمِ بأقصى ما نملكُ من جهدٍ وطاقة. نطمحُ، بتوفيقٍ من اللهِ وعونٍ ومدد، إلى تحقيقِ ما يلي، واللهُ وليُّ التوفيقِ والهادي إلى سواءِ السبيل:
- توسيعُ القاعدةِ المعرفيّةِ وتعميقُها: إثراءُ النموذجِ بالمزيدِ والمزيدِ من المصادرِ العلميّةِ الموثوقةِ المعتبرة، وتعميقُ فهمِهِ للمسائلِ الدقيقةِ والمُعضِلاتِ الفكريّة.
- تعزيزُ القدراتِ التحليليّةِ والاستنباطيّة: تطويرُ قدراتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ على التحليلِ العلميِّ المعمَّقِ، والمقارنةِ بينَ الآراءِ المختلفةِ بأدبٍ جمٍّ وحُجّةٍ بالغة.
- ابتكارُ أدواتٍ تعليميّةٍ تفاعُليّةٍ جذّابة: السعيُ لابتكارِ أدواتٍ ووسائلَ تعليميّةٍ جديدةٍ ومُبتكرة، تجعلُ عمليّةَ التعلُّمِ الدينيِّ أكثرَ جاذبيّةً وتفاعُليّة، خاصّةً لجيلِ الشبابِ الواعد.
- الوصولُ العالميُّ الشامل: الطموحُ للوصولِ إلى أوسعِ شريحةٍ ممكنةٍ من المسلمينَ وغيرِهِم حولَ العالم، بلغاتٍ مُتعدِّدة، لتعميمِ الفائدةِ ونشرِ النورِ المحمّديِّ الأصيل.
- التعاونُ البنّاءُ والمُثمر: فتحُ آفاقِ التعاونِ الصادقِ مع المؤسساتِ الحوزويّةِ والأكاديميّةِ الرصينة، والباحثينَ الأفرادِ من ذوي الاختصاصِ والهمّة، لإثراءِ المشروعِ وتطويرِهِ بشكلٍ مُستدام.
وكلُّ هذهِ التطلّعاتِ النبيلةِ، يا أحبّتنا الكرام، مرهونةٌ بمشيئةِ اللهِ تعالى أوّلاً وأخيرًا، ثمَّ بدعائِكُمُ الصادقِ ودعمِكُمُ المُخلص. فإنّنا نرى في كلِّ مُستخدمٍ لهذا الصرحِ الرقميِّ شريكًا لنا في هذا الخيرِ العميم، وفي كلِّ مُلاحظةٍ مُقدَّمةٍ سُلّمًا نرتقي بهِ نحو الأفضلِ والأكمل.
دُعاؤنا وخِتامُ مِسكِنا: ضَراعةٌ ورَجاء
وفي ختامِ هذهِ الكلماتِ المتواضعة، التي هي ومضاتٌ من القلبِ إلى القلب، لا يسعُنا، يا سادةَ الأرواحِ الطاهرة، إلا أنْ نرفعَ أكُفَّ الضراعةِ الخاشعةِ إلى المولى القديرِ، ربِّ السماواتِ والأرضين، فنقولُ بلسانِ الافتقارِ والابتهال:
"اللهمَّ يا مُقلِّبَ القلوبِ والأبصار، ثبِّتْ قلوبَنا على دينِكَ القويمِ وطاعتِكَ يا عزيزُ يا غفّار. اللهمَّ تقبّلْ منّا هذا العملَ المُتواضعَ، واجعلْهُ خالصًا لوجهِكَ الكريمِ يا ذا الجلالِ والإكرام، صدقةً جاريةً ينتفعُ بها عبادُكَ إلى يومِ القيام. اللهمَّ ألْهِمْنا الصوابَ والرشادَ في تطويرِهِ وتنميتِهِ، ويسِّرْ لنا من عبادِكَ الصالحينَ الأخيارِ مَنْ يأخذُ بأيدينا في استكمالِهِ وتجويدِهِ، إنّكَ سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعواتِ يا أرحمَ الراحمين."
وما نطمحُ إليهِ، واللهُ على ما في قلوبِنا شهيد، ليس شهرةً زائفةً تُطغِي، ولا صيتًا عابرًا يُمْسِي ويُضْحِي. بل وجهَكَ الكريمَ يا ربَّنا نرتجي، وأنْ نكونَ، بعونِكَ وتوفيقِكَ، جسرًا متينًا يصلُ بينَ العقولِ الحائرةِ ومصابيحِ الهُدى الربّانية، ومنارةً تُضيءُ ولو شمعةً واحدةً في دروبِ السالكينَ إليكَ يا إلهَ العالمين.
"وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نبيّنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَأصْحَابِهِ الغُرِّ المَيَامِين."
,